الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

السكرتارية مهنة نخبوية تاريخياً.. البقاء للأصلح تكنولوجياً



1435/2/22هـ


السكرتارية

مهنة نخبوية تاريخياً..

البقاء للأصلح تكنولوجياً




على مدى التاريخ القريب جداً، بدت مهنة السكرتارية الأكثر تأثراً بالتكنولوجيا في إطار ما يُعرف بالثورة المعلوماتية، التي اجتاحت رياحها «أخضر» مهن عديدة و«يابسها»؛ ذلك أنه إذ بدا أن هذه الثورة تعزِّز كفاءات مهن كالطب والهندسة، تملأ النواقص، وتدحض اجتهادات في غير محلها -خاصة في المجال البحثي- فإنها بالمقابل صُوِّرت على أنها تهديد كبير لوظيفة «السكرتير» أو «السكرتيرة»، ينذر بإقصائها وإلغائها من سوق العمل، ذلك أن الأجهزة الإلكترونية أو الذكية قادرة على القيام بمهمات السكرتارية.. وربما أفضل من العنصر البشري! فهل يكون عهد السكرتارية في طريقه إلى الأفول؟
فريق التحرير يسعى إلى الإجابة عن هذا السؤال، من خلال تفحص كافة احتياجات العمل الإداري، ومن مختلف الأوجه، وحقيقة ما طرأ عليها من تغيرات بفعل التكنولوجيا.

لعلّ توصيف «السكرتير» أو «السكرتيرة» قد أُسيء استخدامه في المنطلق. إذ كان -ولا يزال إلى حدّ كبير- يُنظر إلى أعمال السكرتارية باعتبارها مهنة متاحة للأقل حظاً، للأقل خبرة، وللأقل تأهيلاً علمياً. بل إننا نرى في بعض المؤسسات الحكومية المترهلة أن قسم السكرتارية هو ذاك الذي يُقذف إليه بـ «العمالة» الفائضة في شكل من أشكال البطالة المقنعة. 

أما في القطاع الخاص، الذي يُفترض فيه أن يكون قائماً على مبدأ الإنتاج والاستغلال -حد الاستنزاف- للأيدي العاملة، فإن السكرتارية ببساطة هي القسم الذي «يرد على الهاتف»، و«يحوِّل المكالمات» من وإلى المدير، إلى جانب أعمال ورقية ومكتبية روتينية لا تشكل تحدياً كبيراً، كما أنها لا تندرج في إطار العمل المبدع الخلاق. قد يشرف عليه شخص، في الغالب امرأة ذلك أن المهنة اقترنت -دون وجه حق بالنساء أكثر من الرجال- أو قد يكون عبارة عن طاقم من الموظفين الإداريين، وفي جميع الأحوال هم بمثابة «المنطقة العازلة» بين المدير وموظفيه من جهة، وبين المدير ومراجعيه «الخارجيين» من جهة أخرى.

بداية، قد يصحّ القول هنا إن السكرتارية من المهن التاريخية التي بدأت كبيرة، مهمة، حيوية، وحساسة عُهد بها إلى رجالات «منذورين» لها ثقافياً واجتماعياً، وانتهت صغيرة ومتقزِّمة؛ حيث أُسيء استخدامها وأُسيء تمثيلها والتعبير عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق